الرئاسة الديمقراطية

 السياسة الخارجية: حصاد أوباما قد يسيء إلى بايدن

 السياسة الخارجية: حصاد أوباما قد يسيء إلى بايدن

-- بما أن الملفات كثيرة والتحديات كبيرة، لن تكون هناك جولة مراقبة بين الدول الآسيوية وبايدن
-- كان باراك أوباما الأكثر «آسيوية» بين كل الرؤساء الأمريكيين
-- يعاتب خصوم بكين واشنطن لغياب مبادرة بشأن قضايا المنطقة
-- رغم الجهود، لم يزدد النفوذ الأمريكي في آسيا في ظل إدارة أوباما، بينما استمرت الصين في صعودها الصاروخي
-- هناك اختلافات واضحة للغاية بين مختلف الدول الآسيوية، حتى تلك التي تشعر بالقلق من صعود القوة الصينية


العديد من قادة العالم، بدءً من قادة الدول الآسيوية، لديهم ذكريات سيئة عن سياسات الرئيس الديمقراطي الأسبق.وفي حوار لموقع أتلنتيك، يفكك الباحث بارتيليمي كورمونت السياسة الخارجية الامريكية المنتظرة من الزاوية الآسيوية في ظل رئاسة جو بايدن ومدى تأثير إرث باراك أوباما فيها.
وبارتيليمي كورمونت، أستاذ محاضر في الجامعة الكاثوليكية في ليل، ومدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، حيث يتولى مســــؤولية برنامـــــج آســــــيا والمحيـــــط الهادئ. ويدير مجموعة اسيا فوكيس في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، ونشر العديد من الكتب، منها لغز كوريا الشمالية، مطبعة جامعة لوفين، 2015.

*كيف استقبلت الدول الآسيوية، وخاصة تلك التي في صراع مع الإمبريالية الصينية، انتصار جو بايدن؟ - على عكس أوروبا الغربية، التي دافعت على مدى ثلاثة عقود عن قضية المرشحين الديمقراطيين، فإن الدول الآسيوية أقل حماسًا بشأن انتخاب الرئيس الأمريكي، وتنتظر اتخاذ إجراءات قبل إصدار حكمها.

وقلة من المترشحين لأعلى منصب في الولايات المتحدة قد أثاروا الحماس في آسيا، وعلى هذا النحو فإن باراك أوباما، وهو ايقونة حقيقية في إندونيسيا حتى قبل احتلاله البيت الأبيض، يشكل استثناء.
من جهة اخرى، هناك اختلافات واضحة للغاية بين مختلف الدول الآسيوية، منها تلك التي تشعر بالقلق من صعود القوة الصينية. لذلك من الصعب ملاحظة أي أوجه تشابه بين اليابان وكوريا الجنوبية، أو بين فيتنام وإندونيسيا، حول هذه القضايا -كما هو الحال في العديد من القضايا الأخرى.
يضاف إلى ذلك حقيقة أن جو بايدن «معروف» في آسيا بفترة ولايته في إدارة أوباما، وأن صورته ترتبط بنتائج ذاك التفويض. ولم يثر انتصار جو بايدن في آسيا أي حماسة خاصة، بل اثار في بعض الحالات انزعاجا، حيث تعتبر نتائج سياسة باراك أوباما الآسيوية غير مرضية.
 
*ما هي ذكرياتهم عن إدارة أوباما؟
- كان باراك أوباما الأكثر «آسيوية» بين كل الرؤساء الأمريكيين، أولاً بسبب جزء من طفولته التي قضاها في إندونيسيا، ثم وخصوصا، بسبب استراتيجيته في الانعطاف نحو آسيا، وهي الفكرة الحقيقية عن سياسته الخارجية. شارك بنشاط في قمم ابيك منتدى آسيا والمحيط الهادئ الاقتصادي، وزار العديد من الدول الآسيوية، منها لاوس وفيتنام، وصاغ محورًا في شكل اتفاقيات استراتيجية مع شركاء جدد بالإضافة إلى الحلفاء التقليديين، وأسس اتفاقية للتجارة الحرة، اتفاقية الشراكة العابرة للمحيط الهادئ، التي انضمت إليها العديد من الدول الآسيوية. ومع ذلك، فإن نتائج إعادة التموضع هذه في آسيا مختلطة تمامًا. فرغم جهودها، لم يزدد نفوذ الولايات المتحدة في آسيا في ظل إدارة أوباما، واستمرت الصين في صعودها الصاروخي، ولم تجد واشنطن مفاتيح إبطاء تقدمها. ويلقي الديمقراطيون باللوم على إدارة أوباما لأنها لم تدعم متظاهري هونغ كونغ عام 2014، أثناء حركة المظلات، ويعاتب خصوم بكين واشنطن لغياب مبادرة بشأن قضايا مثل النزاعات البحرية في بحر الصين الجنوبي، والأويغور، والخلافات بين الصين واليابان، أو حتى مسألة تايوان. ان سجل إدارة ترامب ليس أفضل، لكن لهجة الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين في مواجهته مع بكين، تردد صداها في المجتمعات الآسيوية التي لا تثق بالصين. ونتذكر أيضًا أن دونالد ترامب كان أول رئيس أمريكي يتحدث إلى رئيس تايواني عبر الهاتف، وأول من التقى بالزعيم الكوري الشمالي. وهذا لا يعني أن الآسيويين سيفتقدون دونالد ترامب، لكنهم لا يرون بالضرورة أن فوز جو بايدن سبب للرضا، حيث تركت إدارة أوباما ذكريات مُرّة في بعض الأحيان.

*هل يمكن أن يؤثر سجل باراك أوباما على جو بايدن الذي كان نائب الرئيس؟
- من حيث الصورة لا جدال في ذلك، خيرا وشرا. وسيسمح هذا لبايدن بالعزف على وتر شعبية باراك أوباما، ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون حذرًا من أن يتطابق مع حصاد السياسة الخارجية لرئيسه السابق. علما، ان جو بايدن لم يكن لاعبًا حاسمًا في سياسة باراك أوباما الآسيوية، والتي لعب فيها أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون الأدوار الرئيسية. ولما كانت الدول الآسيوية دولا براغماتية، فإنها ستنتظر قبل الحكم على عمل جو بايدن. لكن بما أن الملفات كثيرة والتحديات كبيرة، فلن تكون هناك جولة مراقبة.

*سوزان رايس، مستشارة أوباما السابقة للأمن القومي، مرشحة لرئاسة وزارة الخارجية. لماذا هذا الاحتمال يثير من الان الغضب؟
- يعتقد العديد من المراقبين الآسيويين، عن صواب أو خطأ، أن سوزان رايس لا تملك القدرة الكافية لمواجهة الصين مباشرة، وأن اهتمامها ضعيف بآسيا. هنا أيضًا، سيكون من الضروري أولاً معرفة ما إذا تم تعيينها في منصب وزيرة الخارجية، وما هو موقفها إذا كان الأمر كذلك.
عام 2009، قامت هيلاري كلينتون بأول زيارة رسمية لها كوزيرة خارجية لآسيا (كانت الأولى بالمناسبة)، حيث زارت على التوالي اليابان وكوريا الجنوبية والصين وإندونيسيا. وإذا تولّت هذا المنصب المرموق بقدر ما هو استراتيجي بالنظر للرهانات، فسيتعين على سوزان رايس أيضًا أن تُظهر بسرعة نواياها لطمأنة حلفاء واشنطن القلقين، وتحديد سياسة آسيوية لا تكون سياسة معادية للصين عقيمة... الرهان ضخم.